هكذا أحتفل أهل المدينة المنورة بزيارة الملك سعود لهم عام 1374هـ: الباحث التاريخي | فؤاد المغامسي

اهالي-المدينة-محتفلين-بقدوم-الملك-سعود-600x425.jpg

 

هكذا أحتفل أهل المدينة المنورة

بزيارة الملك سعود لهم عام 1374هـ

 

كاتب المقال: الباحث التاريخي | فؤاد المغامسي
أهل المدينة المنورة لهم طريقة خاصة في استقبالهم لكل ضيف داخل عليهم أو زائراً لهم, وقد وصفهم أحد الرحالة عندما دخل المدينة المنورة مع إحدى القوافل بقوله: “فهم ذو عواطف جياشة ” وبهذه العواطف والجود والكرم والمحبة يستقبل أهل طيبة ضيوفهم.

ففي عام 23 صفر 1374هـ كانت زيارة الملك سعود رحمه الله للمدينة المنورة وكان من الطبيعي أن يستقبل الأهالي ملكهم محب المدينة المنورة في مكان وصوله, ولما يعلموه ويلمسوه في ذلك الزمان من المشاريع القائمة والتي كانت تسمى مشاريع النهوض والبناء, هذا ما ذكرته صحيفة أم القرى أن الأهالي في المدينة المنورة كان شعارهم في استقبالهم للملك سعود على طول الطريق حامي الحرمين وحامي راية الإصلاح والنهوض ورجل المشاريع الكبرى, يتضح مدى سعادتهم بوصول ضيفهم صاحب الدار الملك سعود, وهنا أقول أن تلك الفترة الزمنية كانت المدينة المنورة كما هي منذ قرون طوال لم يطرأ عليها سوى تغيرات بسيطة لذلك كان أي مشروع فيها يعتبر الأول في نوعه وأي مشروع يقام بعده يعتبر تطوير للسابق وهذه خاصية أختص بها الملك سعود وأستحق وصف أهل المدينة المنورة له في ذلك.

وبدأت المدينة محتفلة بضيفهم المحبوب وهذا طبيعي أن تحتفل أي مدينة يزورها ملكهم, ولكن العجيب في أهل المدينة والأعجب في الملك سعود رحمه الله ما سنذكره.

فور وصوله المدينة المنورة أخذت الوفود تتوافد من ضواحي المدينة المنورة والمدن القريبة منها والمحافظات والهجر للاحتفال والسلام على الملك سعود, وبعد أداء الصلاة في المسجد النبوي الشريف, وحسب المصدر توجه من القصر الملكي الذي كان أمام باب النساء إلى قصر آل الخريجي بالمناخة حيث تحرك الركب الذي كان كثير التوقف بأمر الملك سعود رحمه الله لسماع أهل المدينة والحديث معهم, وما إن وصل موكبه وعند مدخل القصر أقيم سرادق أدت فيه التحية العسكرية وأخذت الوفود السابقة الذكر بالترحاب به.

وفي اليوم التالي بدأ رحمه الله تفقد المشاريع النهضوية التي كانت تقام في ذلك الوقت وكان أهالي المدينة المنورة متجهزين للاحتفال بالسعد سعود حامي الحرمين ورجل النهضة والمشاريع والبناء,  وأظهر أهل طيبة الطيبة تلك المشاعر لزيارة ملكهم وأبدوا مراسيم الإحتفال التي كانت كالتالي:

  • حفلة شاهي بدار الشيخ عبدالله بن زاحم بناحية ” خيف الأغوات”, وفي ذلك الحفل ألقى الشاب إبراهيم الزاحم كلمته, ومن ثم ألقى الطفل أحمد السيد حبيب أبيات شعرية.
    12309436_10153910405954610_598318800_n
    (صورة أحمد السيد حبيب)

أتجه الملك سعود رحمه الله نحو سلطانة يتفقد المشاريع هناك والاحتفال مع العمال والعاملين هناك.
اتجه ركب الملك سعود إلى محلة العنبرية وجلس في سرادق وشارك الجموع حفلهم.
اتجه بعد ذلك إلى سرادق محلة التاجوري وشاركهم احتفالهم.
ثم توجه الملك سعود إلى سرادق الأمراء.
ثم توجه إلى سرادق محلة الطيار.
ثم توجه إلى سرادق مناخة ديرو.
ثم توجه إلى سرادق شارع الساحة.
ثم توجه إلى سرادق حارة الأغوات.
ثم توجه إلى سرادق محلة باب المجيدي.
ثم توجه إلى سرادق محلة النخاولة.

وكانت كل محلة تتأهب قبل وصول الموكب الملكي بالاستعداد, وكان الأطفال على الطرقات والنساء على الرواشين يشاهدون الموكب والركب الملكي القادم إلى حيهم, وكان الملك سعود يقول لكل أهل محلة ما نصه: أنتم مني وأنا منكم, كبيركم أبي, وصغيركم إبني, وجميعكم أخواني” وهنا أقول للذين لا يعرفون مواقع الأحياء التي زارها الملك سعود بنفسه أن أغلبها الآن داخل المنطقة المركزية حول الحرم, وكان بالإمكان يقام حفل كبير لجميع أهالي المدينة المنورة في مكان واحد ولكن حرصه رحمه الله أن يزور كل محلة, وحي , وحارة بنفسه ويشاركهم فرحتهم.

وقام أهل المدينة المنورة في احتفالهم الفنون ففي ميدان المناخة أقيمت العرضة, وبالقرب من الباب الشامي أقيمت التحية العسكرية بقيادة الصول أمير موسى, وفي باب المجيدي أستقبل أبناء الحارة ركب الملك بلعبة المزمار, وفي حارة النخاولة أمتشقت السيوف وتطاولت الأعناق بالمبارزات.

وكان لهذه الإحتفالات أثر في نفوس الجميع وكان مقرر إنتهاء زيارته وتوجهه إلى جدة في اليوم التالي فأخذ أهالي المدينة وبإلحاح يطلبون من الملك سعود أن يطيل مقامه بالمدينة فوعدهم الملك سعود بقوله “أنه سيقيم فيهم إذا ما تم تشييد قصر جلالته في سلطانه العام القادم شهر أو شهرين” ولا يزال كبار السن من أهل المدينة المنورة يتذكرون زيارته تلك وقد حدثوني عنها كما لو أنها كانت بالأمس.

هكذا أهل المدينة, وهكذا كان الملك سعود رحمه الله.