لمحات عن اهتمام الملك سعود بالامر بالمعروف

لقد حظي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باهتمام الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - انطلاقاً من المنزلة العظيمة لهذه الشعيرة التي تمثل أحد الدعائم الرئيسة لقيام الدولة كما قال تعالى: {الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} سورة الحج.
وإنفاذاً لوصية والده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - وفق ما جاء في الفقرة (أولاً) من برقيته الموجهة للملك سعود حين بويع ولياً للعهد في 16محرم 1352ه المتضمنة "وعليك بالحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وان يكون ذلك كله على برهان وبصيرة في الأمر، وصدق في العزيمة.. إلخ" الوجيز في سيرة الملك عبدالعزيز للزركلي.
ويتجلى ذلك من ما خص به - رحمه الله - رجال الحسبة الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر بتوجيهات كريمة تتضمن أمرهم بالقيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل حزم وعزم، معلناً وقوفه ومساندته لهم إذ قال - رحمه الله - : "تعلمون بارك الله فيكم ان الله سبحانه وتعالى خلقنا لتوحيده وطاعته، وأمرنا بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال صلى الله عليه وسلم "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه، ولتأطرنه على الحق، أطراً أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم إلى آخر الحديث وتعلمون بارك الله فيكم ان الوقت وقت متغير، والدعايات السيئة تبذل بكل نشاط وهمة، لأجل ابطال الدين وإدخال العقائد الفاسدة على المسلمين، وخصوصاً على الجيل الجديد، وأنتم مسؤولون أمام الله يوم القيامة على القيام بواجباتكم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالأخص الصلاة التي هي عمود الإسلام، والتي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر". فالذي أوصيكم به ونفسي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية، والقيام بما أوجبه الله علينا وعليكم، ونحن إن شاء الله معكم وفي صفكم، والحمد لله عصاكم سيف، قوموا بدين الله، وحضوا الناس على عمل الخير، وانصحوا المسلمين، وأرشدوهم إلى سبيل الحق. فمن كابر فارفعوا أمره إلينا وتبرأ ذمتكم، أما من اهتدى فنسأل الله ان يزيده من التوفيق والهدى، ومن آثر هواه على هداه وشهوته على مراد الله ورسوله فسنجازيه بالعقوبة الصارمة. نرجو ان الله ينصر دينه، ويعلي كلمته، وينصر من في نصره نصر للإسلام والمسلمين، ويذل من فيه شر على الإسلام والمسلمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. صحيفة أم القرى
1750.وفي خطاب مفتوح وجهه الملك سعود - رحمه الله - عام 1380ه للأمراء والقضاة ورجال الحسبة في كافة أنحاء المملكة أكد على ما أمتن الله تعالى به عليهم من ان جعلهم من حاملي لواء الدعوة إلى دين الله الخاص، وأكد على تحقيق العدل في الرعية وإقامة الحدود على كائن من كان دون تفريق، وذممهم وتبرأ من كل عمل يخالف الشرع، وحث الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر على ان يوافق عملهم أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: من سعود بن عبدالعزيز إلى كل من يراه من أمرائنا وقضاتنا والهيئات الدينية في أنحاء مملكتنا.
وخاطب الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - العلماء ورجال القضاء والأمر بالمعروف بمنطقة الظهران حين زيارته للمنطقة الشرقية فقال:
واعلموا انه اهم ما وجهنا إليه ديننا هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فمن الواجب ان نحرص على تحقيقه والإخلاص في إبلاغه والقيام به في رفق وبالحسن.
وقال رحمه الله: ان كتاب الله تعالى هو ديننا ومرجعنا وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام هي دليلنا وفيهما كل ما نحتاجه من تبصر وخير ورشاد، ونحن من جانبنا سنحرص ان شاء الله كل الحرص على إقامته واتباعه وتحكيمه في كل امر من الامور وسنهتدي به على توفيق من الله إلى توفير اسباب الخير لافراد الشعب جميعاً، وارجو ان تتعاونوا من جانبكم على إقامة الحق والبر والتقوى ففي الحديث الشريف الخلق كلهم عيال الله واحبهم إلى الله ابرهم بعياله، وقد هيأ الله لنا فرسة هذا الفضل الكبير فنحب ان تخلصوا وان تتبينوا الحق دائماً فتتبعوه وان تتبينوا السيئ فتجتنبوه وإننا نشكر الله تعالى الذي امدنا بعونه وتوفيقه وهيأنا للخير وهيأ الخير لنا، وثقوا ان العمل الصالح دائماً هو السبيل القوي الى النجاح والله تعالى يقول {من عمل صالحاً فلنفسه}، والسيئ دائماً عواقبه وخيمة اعاذنا الله وإياكم من كل سيئ ومكروه، ويجب ان نعمل دائماً على مجاهدة النفس وصرفها عن الشر إلى الخير وهذا هو الجهاد الأكبر لأن النفس أمارة بالسوء إذا تركت تغلبت عليها الشهوات والهوى وهذا هو ما عناه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال بعد عودته عليه الصلاة والسلام من غزوة حنين رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر إلا وهو جهاد النفس ثم قال - رحمه الله - "إن هذا هو سبيلنا وهو ما ندعوكم إليه دائماً والله سبحانه وتعالى سيؤيدنا بروح من عنده ما دامت النوايا طيبة منا فالعبرة دائماً وأبداً بالنية وليست بالأقوال والمظاهر وفي الحديث: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أقوالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم، فإذا صلحت النية وكانت حسنة صلحت الاحوال وان ساءت لا قدر الله ساء المصير وهنا قال حضرات اصحاب الفضيلة: "ان الله تعالى قد قيضكم لنصر دينه ووفقكم لنشر رايته وبث تعاليمه وإقامة حدوده فنلتم رضاءه وتأييده وإننا سنعمل إن شاء الله تعالى وبتوفيقه على تحقيق كل ما يبرأ ذمتنا امام الله وما نرجو إلا أن نكون دائماً موضع رضاكم.
وقال رحمه الله: "إننا نأمل فيكم الخير ونثق بأنكم ستقومون بالواجب على الوجه الأكمل وإننا نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للخير وأن يجنبنا الهوى وسوى المصير والله المستعان".
الملك سعود أحاديثه وخطبه.
لقد كان لهذا الاهتمام والمتابعة من قبل الملك سعود - رحمه الله - لأعمال منسوبي هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اثر ملموس في تدين الرعية لربهم سبحانه وتعالى، وسلامة للمجتمع من فشوا المعاصي والمنكرات، وساهم ذلك ايضاً في نشر الأمن والاطمئنان في ربوع البلاد.
ولازال - بحمد الله تعالى - ولاة امرنا - وفقهم الله - يولون هذه الشعيرة حقها من العناية والاهتمام وصبحت ركيزة في النظام الاساسي للحكم كما جاء في المادة (23) "تحمي الدولة عقيدة الإسلام، وتطبق شريعته، وتأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتقوم بواجب الدعوة إلى الله" مجموعة الانظمة السعودية.