وتتوالى اليوم أعمال الهدم، وتتساقط أوراق خريف الذكريات في الفندق، الذي بات في قلب الرياض بعد أن كان على أطرافها، ونبتت بجواره عشرات الفنادق الموسومة بالــ"5 نجوم". ولا يتمالك أهالي الرياض القدامى مشاعرهم عند مرورهم بطريق الملك عبدالعزيز وهم يشاهدون المعدات تنخر في قاعتي "شهرزاد" و"شهريار" اللتين زفتا المعاريس النخب في مجتمع الرياض آنذاك.
فندق المشاهير
كان فندق اليمامة في السبعينيات والثمانينيات الهجرية نُزلاً لضيوف الدولة، وأمنية شباب الرياض في استخدام ملاعب القدم والتنس الأرضي وحمامات البخار والساونا والسباحة، وأمنية للفتيات في إقامة حفل زفافهن بالقاعات الفخمة.. وكان البهو الرئيس ملتقى للمشاهير من الأدباء والوجهاء والإعلاميين والشعراء، ومن يرغب بجلسة هادئة يتلذذ خلالها بالشاي على صوت خرير شلالات المياه، كما كانت أعراس ومناسبات أثرياء الرياض تُقام هناك.
نزلاء الأجنحة الفاخرة
يقول الزميل من جريدة الرياض منصور العساف في تقرير صحفي: "إن فندق اليمامة طيلة السبعينيات والثمانينيات حتى التسعينيات الهجرية كان مقرًّا لإقامة كبار الضيوف الذين يُفرش لهم السجاد الأحمر، ويُستقبلون بـ(البرتوكولات) الرسمية. كما بقي الجناح الذي نزل به وزير الخارجية الأمريكي (هنري كيسينجر) عام 1973م بأمر من الملك فيصل -رحمه الله- ماثلاً، يحكي موقف السعودية الواضح تجاه قضية فلسطين وأحداث حرب أكتوبر".
ويضيف: "كان لضيوف وزارة البترول والمعادن أواخر القرن الهجري المنصرم جناح خاص. أما البهو الرئيس للفندق فقد كان ملتقى للأمراء والوزراء والشعراء والأدباء، كما كانت باحاته وساحاته الخارجية ملاذًا لكثير من الكتّاب والصحفيين في الشتاء، كما استضاف شيخ القراء (عبد الباسط عبد الصمد) ومعاصره الشيخ (محمد خليل الحصري) والشيخ (محمد محمود الطبلاوي) -رحمهم الله-، وحينها كان الناس يفدون للفندق للسماع منهم، والسلام عليهم".
الشاعر البحريني و"بوكلينات" الهدم!
وفي العصر الذهبي لفندق اليمامة، الذي ظل مقصدًا للنخب، حظي الفندق بالوصف الفاخر، والخواطر الجياشة من الأدباء، من بينها قصيدة للشاعر البحريني "عبدالرحمن رفيع" - رحمه الله -، قالها عندما اتصل مرات عدة بالوزير "غازي القصيبي" -رحمه الله- فوجده مشغولاً باجتماعات وزارة الصناعة والكهرباء؛ فكتب فيه قصيدته المشهورة، والمعنونة بـ"فندق اليمامة".
واليوم ترصد "سبق" عنف "البوكلينات" وهي تلتهم أطنان الحديد والصبات الخرسانية الممهورة من الداخل بأجود فنون العمارة قبل 62 عامًا.