لما توفي الملك عبد العزيز رحمه الله وتسلم من بعده الزمام خليفته الإمام سعود ، كان نصب عينه وحدة العرب وتوثيق العلاقة بين الأ الإسلامية تلك الوحدة التي من نتائجها استقلال ومجد أقطار الوطن العربي الكبير.
وقد رأى أن هذا لن يتحقق إلا بالاتصال الشخصي ،فالمعروف أن الزيارات المتبادلة بين قادة الأمة نتائجها كثيرا ما تقارب وجهات النظر وتجمع الكلمة وقد كانت زيارات جلالته للبلاد العربية تأكيد عمليا لهذا المعنى على إن جهود جلالة الملك في توحيد كلمة العرب وجمع صفوف المسلمين لا يحتاج أي إنسان الإشادة بها أو ذكرها فهي أوضح من البدر في تمامه وليس ثمة شاهد ناطق كخطابه التاريخي الذي أفتتح به أول اجتماع لمجلس الوزراء:
" أما سياستنا الخارجية فأول ما يهمنا فيها هو العمل على جمع كلمة العرب وتأييد مصالحهم في جامعتهم ضمن ميثاقها وضمن الدفاع المشترك ، وقد ابلغنا الوفد الذي مثلنا في جامعة الدول العربية في أول اجتماع لها بعد أن تسلمنا مقاليد الحكم أن يعلن عزمنا الأكيد على مناصرة العرب والتعاون معهم في أي مجال ممكن لمنع العدوان عنا جميعا".
وهذا دليل – بين ما يضمره جلالة الملك سعود من حب للبلاد الشقيقة ونهج واضح مستقيم ,
ولقد بلغ من حب الأمة العربية والأمم الإسلامية لشخصيته الفذة ، وإنسانيته الرفيعة أن تزاحمت الأيدي الصديقة تمد يدها للتعاون معه على إعلاء كلمة الله وتسابقت الحكومات العربية والإسلامية لدعوته إلى بلادها – وعلى عادة العربي الشهم قبل الدعوة رغم مشاغله الضخمة ومسؤولياته الكبار ورغم المشاريع والإصلاحات الداخلية الجمة التي تستغرق راحته.
وقام جلالته إلى البلاد العربية الشقيقة والى البلاد الإسلامية – فكانت هذه الرحلات مذكورة مدى الدهر ، ذلك للنتائج العظيمة التي تبعت هذه الزيارات من حيث توحيد كلمة الأمم الإسلامية وتوثيق عرى الإخاء وروابط المحبة ، ولقد جاءت البيانات والتصريحات التي صدرت عقب زيارات جلالته لا رجاء الوطن العربي زاخرة بهذا المعنى ومؤكدة له.
مصر
وقد استهل هذه الرحلات بزيارة مصر – وكان ذلك في الخامس عشر من شهر رجب سنة 1373- وقد لاقى جلالته من الحفاوة البالغة في مصر حكومة وشعبا ومن الإعظام والتبجيل ما دل على مكانتة في نفوس العرب، وكان استقبالا تاريخيا لم تعهد مصر مثله ، قد قام بزيارات لإنحاء مصر استجابة لرغبات مختلف الداعين من أبناء الشعب العربي في القطر الشقيق ، وكانت هذه الرحلة ذات نتائج بعيدة المدى في توثيق العلاقات بين مصر والمملكة العربية السعودية .
لقد كانت المحادثات التي أجراها جلالته مع المسؤولين في مصر تدور حول القضايا العربية وقد تجلت في هذه الأحاديث روح التضامن والإخاء بين البلدين الشقيقين ودللا على انهما متفقان على الجهد لتدعيم الجامعة العربية كما دعا جلالته العرب بهذه المناسبة إلى الوحدة فقال : أن الأمة العربية في مختلف شعوبها وهيئاتها وحكوماتها يجب أن تزداد صلات التعارف والتقارب بينها لتكون وحدة سياسية واقتصادية وثقافية على ضوء التجارب والمحن التي مرت بها الأمة العربية في السنين الاخيره . وختم جلالته حديثه بقوله : لقد تبين أن وجهة نظر الحكومتين الشقيقتين كانت ولا تزال على تفاهم تام في معالجة مصالح العرب في جميع أقطارهم.
ادارة الموقع